كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك

سينودس الروم الملكيين الكاثوليك حزيران 2013

١٧ ٦ ٢٠١٣

بروتوكول 301/2013ع                                                                                                                                           عين تراز 16/6/2013



 

كلمة غبطة البطريرك غريغوريوس الثَّالث

في افتتاح سينودس كنيسة الرُّوم الملكيِّين الكاثوليك

عين تراز –لبنان

17 حزيران 2013

الشكر لله تعالى نسديه في مطلع هذا السينودس المقدَّس، أعبِّر عنه بلسان القدّيس بولس في رسالته إلى أهل أفسس


كلمة الله نور سبيلي

"تبارك الله أبو ربّنا يسوع المسيح، الذي غمرنا، من علياء سمائه، بكلِّ بركةٍ روحيَّةٍ في المسيح. إذ فيه قد اختارنا عن محبَّة من قبل إنشاء العالم، لنكون قدّيسين، وبغير عيبٍ أمامه. وسبق فحدَّد، على حسب مرضاته، أن نكون له أبناء بيسوع المسيح، لتمجيد نعمته السَّنيَّة التي أنعم بها علينا، في الحبيب. وفيه لنا الفداء بدمه ومغفرة الزَّلاَّت على حسب نعمته، التي أفاضها علينا بملء الحكمة والفطنة، بإعلانه لنا، على حسب مرضاته، سرَّ مشيئته، التي سبق فقصده في نفسه، ليحقِّقه عند تمام الأزمنة: أي أن يجمع تحت رأسٍ واحدٍ في المسيح، كلَّ شيء، ما في السماوات وما على الأرض. وفيه أيضًا دُعينا، وقد أصطُفِينا من قبلُ، بمقتضى قصد من يعمل كلَّ شيءٍ على حسب مرضاته، لنكون تسبحةً لمجده، نحن الذين سبقوا فأناطوا رجاءَهم بالمسيح". (أفسس 3:1- 12).

في هذا النص نجد وصفًا رائعًا لدعوتنا المقدَّسة في الكنيسة وفي المجتمع اليوم.
ونجد أيضًا في كلمات بولس الرسول تعزية وقوَّة في الظروف المأساويَّة الراهنة التي تمر بها بلادنا، وكنيسة الشرق الأوسط ومواطنونا من كلِّ الطوائف مسيحيين ومسلمين.

وهذا ما ورد في رسالته الثانية إلى الكورنثيين:

"تبارك الله، أبو ربّنا يسوع المسيح، أبو المراحم، وإله كلّ تعزية؛ الذي يعزّينا في كلِّ ضيقة لنا، لكي نستطيع، بالتعزية التي نُصيبها نحن من الله، أن نعزّي الذين هم في كلِّ ضيقة. لأنَّه كما تفيض آلام المسيح فينا، كذلك تفيض أيضًا بالمسيح تعزيتنا. فإن كنّا نتضايق فَلِتعْزيتكم وخلاصكم، وإن كنّا نتعزَّى فلتعزيتكم العاملة فيكم على احتمال الآلام عينها، التي نتألَّم بها نحن أيضًا. وأملنا وطيدٌ من جهتكم، إذ نعلم أنَّكم كما تشاركون في الآلام، كذلك ستشاركون في التَّعزية أيضًا.

"فإنَّا لا نريد أن تجهلوا، أيُّها الإخوة، من جهة ما أصابنا من الضيق في آسية، أنَّه قد ثُقِّل علينا بإفراطٍ، وفوق الطافة، حتى لقد يئسنا من الحياة نفسها. بل حملنا في أنفسنا قضاء الموت، لئلا نتَّكل على أنفسنا، بل على الله الذي يقيم الأموات. فإنَّه هو الذي أنقذنا من هذا الموت الدَّاهم، وسينقذنا. أجل، إنَّا لواثقون أنَّه سينقذنا أيضًا. ساهموا في ذلك بالصلاة لأجلنا، حتَّى إنَّ الموهبة التي نُعطاها بواسطة الكثيرين، تبعث الكثيرين على الشكر من أجلنا" (2 كورنثوس 1: 3-11).


الظروف المأساويَّة

هذه الآيات المقدَّسة تُعطينا قوَّة نحن الرعاة ويَسمعُها أبناؤنا وبناتنا، كهنة ورهبانًا وراهبات ومؤمنين ومؤمنات، من خلال وسائل الإعلام مشكورة. ونأمل أن تكون لهم سبب قوَّة وتعزية وصبر وثبات وصمود ومعنويَّات تشدِّدهم في هذه الظروف السائدة في بلدنا، ولا سيَّما في سورية الحبيبة الجريحة. وقد أصبح حوالي 8 ملايين من أبنائها لاجئين في بلدهم الحبيب وخارجه، ولا سيَّما في لبنان الذي يحمل عبئًا كبيرًا باستقباله مئات الألوف من النازحين إليه. سورية التي استقبلت الفلسطينيين (قبل 65 سنة)، والعراقيين بعد غزو العراق، واللبنانيين بعد حرب 2006، هي الآن ينزح أولادها وتفوق معاناتهم كلّ وصف. نشكر لبنان المضيف الكريم،رئيسًا وحكومةً وشعبًا ومؤسَّسات ونطلب من الله أن يحمي لبنان من نار الأزمة السوريَّة التي يطال هشيمها المنطقة كلّها.


أنوار ثلاثة

إنَّنا أيادٍ ضارعة لأجل السلام في منطقتنا كلّها. حماها الله وحمانا جميعًا.

أمّا بالنسبة لسينودسنا لهذا العام فإنَّه تحت أنوار ثلاثة تضيء على أعماله ومداولاته ومواضيعه.

فهناك الإرشاد الرسولي الذي وقَّعه قداسة البابا بندكتوس السادس عشر في كنيستنا القدّيس بولس للآباء البولسيين في حريصا.وقد وُزِّع مع ال YOUCAT(أو التعليم المسيحي للشباب) في كلِّ أبرشياتنا ورعايانا. ومن الضروري أن نعمل على مطالعته والاستنارة بتوجيهاته في كلِّ قطاعات حياتنا الكنسيَّة والرعويَّة والشبابيَّة والثقافيَّة والرهبانيَّة...

فهو حقًا دستور سيبقى نبراسًا لكنائسنا في الشرق الأوسط، وبرنامج عمل، لاسيَّما بعنوانه الذي يُحدِّد معنى وجود المسيحيين في الشرق الأوسط: "شركة وشهادة". شركة في الداخل في كنيستنا وما بين الكنائس، وشهادة في مجتمعنا، نتفاعل معه ونحمل إليه نور قِيَم الإنجيل المقدَّس.

وأُعلِن هذا العام 2012-2013 عام الإيمان. وهو مناسبة طيِّبة لكي نعمل بكلِّ الوسائل على تقوية الإيمان المقدَّس في رعايانا، ونقوم بنشطاتٍ ومبادراتٍ إيمانيَّة، مُصلِّين مع الكنيسة:

"وطِّد أيُّها المسيح الإله الإيمان القويم المقدَّس مع كنائسنا وأديارنا إلى الدهر".

ويُطلَب منا أن نقدِّم تقريرًا إلى روما بشأن المبادرات التي قمنا بها في سنة الإيمان.

أمّا النور الثالث فيأتينا من السينودس الذي عُقِد في روما في تشرين الأول عام 2012، وحضرته بصفتي بطريركًا، وحضره مندوبًا عنكم سيادة أخي المطران جوزف العبسي النائب البطريركي بدمشق. وقد خصَّصت رسالة الفصح 2013 لإيضاح موضوع السينودس. وعنوانه:

"بشرى الإنجيل المتجدِّدة" (New Evangelization). وأبرزت أهميَّة الإنجيل في مجتمعنا العربي ذي الأغلبيَّة المسلمة، وفي حياة المسيحي المشرقي، لأنَّ الإنجيل وُلِد في مشرقنا. كما أنَّ المسيح الذي هو الإنجيل الحيّ قد ولد هو أيضًا في أرضنا
هذه الأنوار الثلاثة ستلقي بشعاعها على كلِّ أعمال سينودسنا.


أمَّا المواضيع التي سنعالجها في هذا السينودس فقد وضعتها اللجنة السينودسيَّة وبالتشاور معنا.

أعرض النقاط الأساسيَّة في هذا البرنامج السينودسي:

دراسة كيفيَّة وضع الإرشاد الرسولي المذكور أعلاه، موضع العمل في أبرشيَّات كنيستنا حسب وضع بلادنا في المنطقة وفي بلاد الانتشار.

قضايا قانونيَّة أعدَّتها اللجنة القانونيَّة، حول الشرع الخاص بكنيستنا والمستند إلى الشرع العام في مجموعة قوانين الكنائس الشرقيَّة، والمحاكم الروحيَّة والعدالة الكنسيَّة.

تقييم العمل في إكليركيَّة القدّيسة حنّة التي تعدُّ كهنة لأبرشيَّاتنا كلّها.

- قضايا تتعلَّق بالاحتفال بيوم الكاهن وبسنة الإيمان في رعايانا.

- كما سنستعرض مسيرة سينودساتنا على مدى خدمتي البطريركيَّة، ونلقي نظرة على المواضيع التي دُرِسَتْ والقرارات التي أُخذَت، وما وضع منها موضع العمل وما لم يوضع، وكيفيَّة تفعيل مسيرة السينودس وقراراته ليكون حقًا في خدمة رعايانا ولأجل تقوية إيمانهم وتثبيتهم في دعوتهم ورسالتهم ودورهم في الكنيسة والمجتمع.

وسيكون لدينا المتَّسع من الوقت لكي نسمع التقارير الوافية من أصحاب السيادة مطارنة أبرشيَّاتنا في سورية في الأزمة الراهنة. وقد طلبنا من كلِّ أبرشيَّة أن تضع تقريرًا مفصَّلاً عن الأوضاع فيها:

مثلاً: القرى المتضرِّرة – الكنائس المهدَّمة– النازحون – المؤسَّسات المتضرِّرة... وما هي الخطوات التي يمكن اتّخاذها أمام هذا الواقع.

وهذا ما ذكرناه في رسالة الصوم لهذا العام 2013. وقد وصفنا فيها بعض الأوضاع في أبرشيَّاتنا. وقدّمنا اقتراحًا بتأليف لجنة تضامن على مستوى كنيستنا.


لجنة تضامن

وقد فكَّرنا أنّه من الضروريّ تأليف لجنة تضامن مركزيّة في سورية تحت إشرافنا لأجل تحقيق مضمون هذا النداء. ونقترح تأليف لجان فرعيّة في كلٍّ من لبنان ومصر والأردن والعراق والكويت وكذلك في أبرشيَّاتنا في بلاد الانتشار، وفي مراكز رعايانا في أوروبا الغربيّة.

وإنَّنا نأمل من إخوتنا المطارنة أن يساعدونا في هذا المضمار، ويعملوا على اقتراح أسماء رجال أعمال من أبرشيَّاتهم، وممّن لهم علاقات عالميّة واسعة مع شركات ومؤسَّسات عالميَّة، ليكونوا أعضاء في كلِّ لجنة محليّة. ومن خلال ذلك نأمل أن نكون في جهوزيّةٍ عمليّة لمواجهة تحدّيات المستقبل الذي ينتظر رعايانا وحضورنا المسيحيّ.

التضامن ينبع من الإيمان بأنّنا كنيسة واحدة وجسم واحد وأسرة مسيحيّة واحدة ووطن واحد. والإيمان يترجم بالأعمال الصالحة ولا سيِّما بالمحبّة الفاعلة نحو المحتاج. وهذا المحتاج هو ابن كنيستنا.


ترشيح للخدمة الأسقفيَّة

 وبالطبع سنعمل على تهيئة لوائح لترشيح كهنة للخدمة الأسقفيَّة.

من البديهي أنَّ أهم واجباتنا في السينودسات المقدَّسة هو تهيئة الراعي الصالح والإنسان المناسب في المكان المناسب والوقت المناسب، الراعي الذي يكون رجل الله ورجل المجتمعراعيًا صالحًا على حسب قلب الله.

وسندرس أيضًا التقارير العامّة التي تقدَّم كلّ خمس سنوات وتُرفع إلينا. ولا بدّ لنا من خلالها أن نستعرض أوضاع رعايانا عمومًا في كلّ من لبنان الحبيب وسورية ومصر والأردن وفلسطين والعراق والكويت وبلاد الانتشار في أوروبا وفي أميركا الشماليَّة والجنوبيَّة وأوستراليا ونيوزلندا.

والملفت أنَّ كنيستنا ليست محصورة في بلدٍ واحد، بل نحن الكنيسة الأكثر تنوّعًا في التواجد والانتشار في البلاد العربيَّة وبلاد الانتشار. ومن المفيد أن نشرح ذلك من خلال الأرقام. ولهذا وضعت لائحة ملحقة بهذه الكلمة تظهر وجود كنيستنا في العالم!


تحدِّيات المستقبل ودور الكنيسة

 وسنواجه المزيد من الويلات بسبب تصميم بعض الدول على التسليح هنا وهناك ولا سيَّما في سورية. وكأنَّ العالم ما عاد يفهم إلاَّ لغة السلاح والحرب والتدمير والعنف والإرهاب. ألم تكفِ حروب الماضي وهو دائمًا حاضر لكي تبرهن للدول وتقنعها بأنَّ السلاح والتسلُّح لا يحلُّ المشاكل ولا يوقف الحروب. بل يؤجِّج العنف والبغض والكراهية، ويتسبَّب بالمزيد من القتل والدمار والتشريد والمعاناة الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والصحيَّة والأسريَّة والشبابيَّة والطلابيَّة والعماليَّة؟

 لقد كان إعلان انعقاد مؤتمر جنيف 2 شعاع أملٍ وانفراج لدى الجميع، وها نحن نُصعَق بتصميم أكبر دولة في العالم تقرِّر التسليح وتنضم إليها دول أخرى. إنَّنا نعتبر التسليح عمَلَ قتل عمدي وإجرام، والسبب في مجازر جماعيَّة وجرائم ضد البشريَّة تستأهل ملاحقة قانونيَّة دوليَّة.

 ولهذا باسم هذا السينودس وأعضائه، وهم منتشرون في دولٍ كثيرةٍ، ندعو جميع الأطراف إلى إيقاف السلاح والتسليح، وإلى العمل الجاد الفعَّال الثابت لأجل إيجاد حلٍّ سلمي للأزمة السورية، مستند على الحوار واحترام حياة المواطنين، وعلى المصالحة والغفران وضبط النفس واللجوء إلى الله لكي يرحمنا ويشفق على عائلاتنا وعلى الأطفال والأيتام والنساء والشباب والطلاب.

 هذا هو الجو الحقيقي الذي يهيِّئ لمؤتمر جنيف 2، ويمهِّد للحلِّ السلمي للأزمة السوريَّة الخانقة. وليعلم الجميع أنَّ لا رابح من خلال السلاح والتسليح. بل الجميع خاسرون. وبالمصالحة والحوار والعودة إلى قِيَم إيماننا المقدَّس يتحقَّق النصر والسلام والأمان للجميع والازدهار والتقدُّم! هذا هو طريق السلام لبلادنا العربيَّة، ولا سيَّما لسورية ولبنان. ونرى أنَّهما يحترقان وتزداد فيهما يومًا بعد يوم معاناة المواطنين على كلِّ الأصعدة!

 والأكثر شرًّا من كلِّ ذلك هو انقسام العالم العربي الذي يزداد يومًا فيومًا: انقسام سياسي واجتماعي وقِبَلي وديني وعشائري... وكم أسفنا للفصل الأخير من الانقسام حيث أعلن الرئيس المصري قطع العلاقات الدبلوماسيَّة مع سورية. وهذا هو تماماً عكس ما فتئنا ندعو إليه في كلِّ المداخلات والمؤتمرات، أعني وحدة العالم العربي والصف العربي والقرار العربي والموقف العربي.

والأكثر شرًّا من ذلك هو انتشار مشاعر الكراهية والعداء والبغض والثأر والانتقام والقتل والشماتة بين المواطنين على مستوى البلد والمدينة والقرية والحي والأسرة والمدرسة وحول دور العبادة...

 أيُّها الأحبَّاء!

إنَّ كنيستنا كما قلت، منتشرة بنسبة جيِّدة في بلادنا العربيَّة وبلاد الانتشار. وإنَّني أرى أنَّه من أقدس واجباتنا الرعويَّة والدينيَّة والإيمانيَّة المستندة إلى قيم الإنجيل المقدَّس أن نعمل لأجل نشر هذه الأفكار والتوجهات، وذلك تجاه دولنا في كلِّ مكان. وعلينا أن نؤلِّف قوَّة ضاغطة روميَّة ملكيَّة كاثوليكيَّة (Lobby) لدعم هذا الأفكار التي أعرضها في افتتاح هذا السينودس المبارك. هذا هو العمل السياسي الحقيقي والواجب المقدَّس الذي يترتَّب علينا أن نقوم به بكلِّ جرأة وغيرة ومحبَّة وإخلاص وصدق وجدارة. وهكذا نخدم أوطاننا ومجتمعاتنا ورعايانا وكنيستنا والعيش المشترك والشركة والمواطنة والحرِّيات والديموقراطيَّة...

وهذا الخطر موجود اليوم في لبنان، وهو الذي يجمِّد الحياة السياسيَّة وتداعياتها في لبنان!

لبنان دخل في نار الأزمة السوريَّة. النأي الحقيقي بالنفس هو الوحدة اللبنانيَّة الداخليَّة. وهذا هو خلاص لبنان بدون مصلحة إلاّ مصلحة الوطن ومصلحة الإنسان، كلّ إنسان ومن كلِّ طائفة.

الكنيسة هي الوحيدة اليوم ضد السلاح فلا ترهنوها! اتركوها حرَّة في موقعها الداعي إلى التسامح والوحدة. الكنيسة على حق في موقفها! نحن الوحيدين غير الداعين إلى السلاح. وليس للكنيسة مصلحة غير مصلحة الوطن ومصلحة الإنسان كلّ إنسان. الكنيسة لها اليوم الدور الكبير أن تكون عامل وحدة في لبنان وسورية وفي العالم العربي. لأنَّها تستند في هذا الدور على قِيَم الإنجيل المقدَّس.

ويا للأسف فإنَّ هناك من يفضِّل القوَّة على المحبَّة. ويتصرَّف بمحبَّة القوَّة. ونحن نبشِّر بقوَّة المحبَّة وليس بمحبَّة القوَّة.


ختام

هذا ما ينتظرنا من عمل أيُّها الإخوة الأحبّاء أصحاب السيادة الأجلاّء، أعضاء سينوسنا المقدَّس الموقَّرين، والرؤساء العامّين الجزيلي الاحترام. فأهلاً وسهلاً بكم في هذا السينودس المقدَّس.

وأحبّ أن أصف عمل سينودسنا وتضامننابهذا النشيد من أناشيد العنصرة، وهو:
"أيُّها المسيح المخلِّص. من بعد نهوضك من القبرِ وصُعودِكَ الإلهيِّ إلى عُلوِّ السماء. أرسلتَ مجدكَ يا رؤوفُ لتلاميذكَ. مُعايني اللاهوت. وجدَّدت لهم روحًا مستقيمًا. فأذاعوا أوامِرَكَ وتَدبيركَ للجميع. مثلَ قيثارةٍ موسيقيَّةٍ تُحرِّكُها ريشةٌ إلهيَّةٌ سِريَّة".ليكن سينودسنا هذه القيثارة المؤتلفة الأنغام.

ونضع سينودسنا تحت حماية أمّنا مريم العذراء سيدة البشارة، شفيعة هذا المقرّ البطريركي الصيفي. وقد زارت مناطق لبنان كلّها في شهر أيار. وأمسِ الأحد كان لنا احتفال مشترك بين كلّ الطوائف والكنائس لتكريمها وطلب شفاعتها لأجل لبنان وسورية والعالم العربي والعالم!

واسمحوا لي أن أُنهي بنشيدٍ اخترته لكم من غروب يوم الجمعة مساءً من اللحن الأول في المعزي. وفيه حكمة روحيَّة رائعة:

"يا عروسَ اللهِ القدّيسة. إجعليني طاهرًا وقورًا عفيفًا. وديعًا هادئًا رصينًا. مستقيمًا بارًّا صادقًا. شجاعًا عاقلاً حليمًا. فاضِلاً سميحًا معتدلاً. زكيًا خاليًا من العارِ والملامةِ. وإلى ذلك صيِّريني للفردَوْسِ شريكًا".

وليكن سينودسنا مبارك باسم الآب والابن والرُّوح القدس. الإله الواحد آمين.

 

+ غريغوريوس الثَّالث

بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندريَّة وأورشليم
للرُّوم الملكيِّين الكاثوليك



البيان الختامي لسينودس الكنيسة الملكية – 2013


في صباح يوم الاثنين 17 من حزيران 2013 افتتح غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث لحّام، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم، أعمال سينودس كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك، في المركز البطريركي الصيفي – عين تراز بالصلاة إلى الروح القدس، بحضور أعضاء المجمع المقدس:

صاحب السيادة المطران بولس برخش متروبوليت بصرى وحوران (جبل العرب) سابقًا.

صاحب السيادة المطران أندريه حدّاد رئيس أساقفة الفرزل وزحلة وسائر البقاع سابقًا.

صاحب السيادة المطران جان عادل إيليا رئيس أساقفة نيوتن سابقًا (الولايات المتحدة الأميركية).

صاحب السيادة المطران إبراهيم نعمة متروبوليت حمص وحماه ويبرود سابقًا.

صاحب السيادة المطران يوحنا حدّاد متروبوليت صور سابقًا.

صاحب السيادة المطران كيرلس بسترس متروبوليت بيروت وجبيل وتوابعهما.

صاحب السيادة المطران نيقولا سمرا رئيس أساقفة نيوتن في الولايات المتحدة الأميركية

صاحب السيادة المطران بطرس المعلِّم رئيس أساقفة عكا وحيفا والناصرة وسائر الجليل سابقًا

صاحب السيادة المطران جورج المرّ رئيس أساقفة بترا وفيلادلفيا وسائر الأردن سابقًا

صاحب السيادة المطران جان جنبرت متروبوليت حلب وسلوقية وقورش

صاحب السيادة المطران فارس معكرون رئيس أساقفة ساو باولو (البرازيل)

صاحب السيادة المطران جورج كحّالة الإكسرخوس الرسولي في فنزويلا

صاحب السيادة المطران عصام يوحنا درويش رئيس أساقفة الفرزل وزحلة وسائر البقاع

صاحب السيادة المطران نيقولا صوّاف رئيس أساقفة اللاذقية وطرطوس

صاحب السيادة المطرانجوزف العبسي النائب البطريركي في دمشق، رئيس اساقفة طرسوس شرفًا

صاحب السيادة المطران يوسف جول زريعي النائب البطريركي في القدس الشريف

صاحب السيادة المطران جورج حدّاد رئيس أساقفة بانياس ومرجعيون (قيصرية فليبّس)

صاحب السيادة المطران إبراهيم إبراهيم رئيس أساقفة كندا

صاحب السيادة المطران الياس رحّال رئيس أساقفة بعلبك

صاحب السيادة المطران جورج بقعوني متروبوليت صور

صاحب السيادة المطران الياس شقّور رئيس أساقفة عكا وحيفا والناصرة وسائر الجليل

صاحب السيادة المطران جورج بكر النائب البطريركي في مصر والسودان، رئيس أساقفة بيلوسيوس شرفًا

صاحب السيادة المطران ميخائيل أبرص المعاون البطريركي في لبنان، رئيس أساقفة ميرا ليكيا شرفًا

صاحب السيادة المطرانعبده عربش الإكسرخوس الرسولي في الأرجنتين ومتروبوليت حمص وحماه ويبرود وما إليها.

صاحب السيادة المطران إيلي بشارة حدّاد رئيس أساقفة صيدا ودير القمر وأمين سر السينودس

صاحب السيادة المطران ياسر عيّاش رئيس أساقفة بترا وفيلادلفيا وسائر الأردن.

صاحب السيادة المطران روبير ربّاط رئيس أساقفة أوستراليا ونيوزيلندا

وقدس الأرشمندريت جان فرج رئيس عام الرهبانية الباسيلية المخلصية.

وقدس الأرشمندريت سمعان عبد الأحد رئيس عام الرهبانية الباسيلية الشويرية.

قدس الأب العام الياس آغيا رئيس عام الجمعية البولسية.

استهل غبطته الكلام مستشهدا برسالة القديس بولس إلى أفسس (1،3-12) وطالبا مع الرسول التعزية للذين هم في الضيق. وانتقل من ثمّ إلى عرض الظروف المأساوية التي يعيشها الشرق الأوسط عامة وسوريا خاصة. ووجه نداء إلى الدول طالبا عدم تزويد سوريا بالسلاح، ودعم مؤتمر جنيف 2.  وألمح إلى ثلاثة أنوار:  - الإرشاد الرسولي شركة وشهادة، - إعلان 2012-2013 سنة الإيمان، - السينودس حول التبشير الجديد. راجيا أن تشرق هذه الأنوار بشعاعها على أعمال السينودس.

وتابع غبطته الكلام عارضا مواضيع السينودس المتعلقة بالإدارة والتنظيم وتنشئة الكهنة وانتخاب مرشحين للأسقفية. وداعيا إلى ضرورة تنظيم أكبر للعناية بشؤون النازحين السوريين إلى بلداننا الشرق أوسطية.

في أعقاب ذلك عقد الآباء خلوة روحية ألقى فيها الأب يونان عبيد المرسل اللبناني عظة عن صفات الراعي وخاصة الأسقف اليوم، وأهمها الأمانة لدعوة الله وخياره لنا والترفع عن الأرضيات وملذات العالم، وحسن قيادة شعب الله. وكان للآباء مداخلات حول موضوع الخلوة أضفت عليها جوا أخويا وروحيا معا. وانطلق المجتمعون من بعدها إلى متابعة أعمال السينودس التي استمرت إلى صباح يوم السبت 22-6-2013. وأصدروا في ختامه البيان التالي:

1- لم يغب عن بال الآباء شبح الأوضاع الأمنيَّة المقلقة المخيِّم على سورية ولبنان، بل على المنطقة كلّها، ويؤلمهم خصوصًا العنف الذي يزرع الموت والدمار هنا وهناك، والذي انتكبت من جرّائه بعض أبرشيَّاتنا. لذلك فإنَّهم يدعون جميع الأطراف في سورية خصوصًا إلى نبذ العنف ورمي السلاح، وإلى التصالح وإيثار مصلحة الوطن على كلِّ مصلحة شخصيَّة فرديَّة أم جماعيَّة، ويدعون الدول الكبرى الضالعة في الأزمة السوريَّة إلى التوقّف عن توريد الأسلحة وإلى الاتّفاق على حلِّ سلميّ يسمح باستعادة الأمن والسلام والازدهار.

2- اطلع الآباء على أوضاع الأبرشيات، ولاسيَّما الأبرشيَّات التي في سورية، والتي تضرَّرت كثيرًا وعلى غير مستوى من جرَّاء الأحداث الدامية الجارية في ذلك البلد منذ أكثر من عامين. وتداعوا إلى مدّ يد العون لمساعدتها على مجابهة الأزمة المختلفة الوجوه، وألَّفوا لهذه الغاية "لجنة تضامن لوضع خطَّة عمل والاتصال بمصادر المساعدة". ويناشد الآباء المجتمع الدوليّ وكلّ قادر، فردًا كان أو مؤسَّسة، أن يمّدوا يد العون إلى النازحين الذين بلغت أعدادهم الملايين، ويعيش العدد الكبير منهم في ظروف تفتقر إلى أدنى حدود الكرامة الإنسانيَّة على أكثر من صعيد.

3- وإزاء المآسي الواقعة، يدعو الآباء أبناءهم في كلِّ مكان إلى التسلّح بالصلاة للتغلُّب على هذه المآسي وتخطِّي الأزمة، ليقينهم بأنَّ الصلاة تكاد اليوم تكون السلاح الوحيد الذي يقدر أن يقود إلى ميناء الخلاص. ويدعون أيضًا إلى الصلاة من أجل الذين ماتوا، ومن أجل عودة المخطوفين ولاسيَّما المطران يوحنا إبراهيم، والمطران بولس يازجي، والكاهنين ميشال واسحق، مناشدين الجميع أن يحرروهم وسائر المخطوفين.

4- وإننا نضم صوتنا إلى صوت قداسة البابا في خطابه في اجتماع المؤسسات الخيرية العالمية في روما متبنين قوله: "إنّي أودّ مرَّة أخرى أن أُطلق من أعماق قلبي نداء إلى مسؤولي الشعوب والمنظّمات العالميَّة ومؤمني جميع الديانات، وجميع الناس ذوي الإرادة الحسنة من أجل وضع حدّ لكلِّ ألم وكلِّ عنف وكلِّ تمييز دينيّ وثقافيّ واجتماعيّ. إنَّ الصراع الذي يزرع الموت يترك مع ذلك مجالاً للتلاقي والمصالحة التي تحمل الحياة. إلى جميع الذين يتألَّمون أقول بقوَّة: لا تفقدوا الرجاء أبدًا. إنَّ الكنيسة ترافقكم وتسندكم. أطلب منكم أن تعملوا كلّ الممكن، أن تلبّوا حاجات الشعوب المنكوبة الجسيمة، ولاسيَّما الشعب السوري، أمَّة سورية المحبوبة، النازحين واللاجئين الذين يتزايد عددهم. إنَّ القدّيس أغناطيوس الأنطاكيّ يخاطب مسيحييّ روما قائلاً: "اذكروا في صلاتكم كنيسة سورية... إنَّ يسوع المسيح سيذكر محبَّتكم". وأنا أيضًا أكرِّر ذلك: "اذكروا في صلاتكم كنيسة سورية... إنَّ يسوع المسيح سيذكر محبَّتكم". إنِّي أودع سيِّد الحياة الضحايا العديدة، وأتوسَّل إلى والدة الإله الفائقة القداسة أن تعزِّي جميع الذين هم "في محنة كبيرة". أجل، إنَّ محنة سورية هي حقًا محنة كبيرة".

5- وفي هذا المقام لا يسع الآباء إلاّ أن يقدِّموا شكرهم الخاص والعميق لإخوتهم السادة الأساقفة ولأبنائهم في بلاد الاغتراب، على المساعدة التي قدَّموها، والتي سوف يتابعون تقديمها إلى إخوتهم مطارنة أبرشيَّاتنا المنكوبة في سورية، وإلى أبنائهم النازحين، طالبين إلى السيِّد المسيح المحسن الأول والكبير، أن يعوِّض عليهم أضعاف ما يقدِّمونه.

6- وفي ما يتعلَّق بلبنان في هذه الأيام، فقد عبَّر الآباء عن خوفهم على الديمقراطيَّة في هذا البلد الذي طالما كانت هذه الديمقراطيَّة ميِّزته الكبرى، ولا سيَّما في محيطه العربي. وإنَّهم لذلك يدعون إلى وضع قانون انتخابي عصري يساوي بين المواطنين مراعيًا حقوق الجميع. وإلى الإسراع في تأليف الحكومة تجنّبًا للفراغ.

7- تدارس الآباء وثيقة التعديلات التي أجرتها اللجنة القانونيَّة على بعض البنود من الشرع الخاص المتعلِّقة بنظام السينودس والمحاكم، وأبدوا ملاحظاتهم على هذه التعديلات، ومن ثمَّ أقرّوها.

8- وتدارسوا أيضا "الإرشاد الرسولي في الشرق الأوسط، شركة وشهادة"، وكيف يسعهم أن يعمِّموا هذا الإرشاد على أبرشيَّاتهم ورعاياهم لتطبيقه وعيشه بحسب الرُّوح التي وضع فيها. وقد خرجوا بالتوصيات التالية حول هذا الموضوع:

 8-1- السهر على توزيع الإرشاد في الأبرشيَّات والرعايا لدراسته وتفصيله.

8-2- عقد مؤتمر حول الإرشاد يشارك فيه مطارنة وكهنة ورهبان وراهبات وعلمانيون.

8-3- تشجيع النشاطات المشتركة مع الإخوة المواطنين لتوطيد أواصر المحبَّة والتعاون. انطلاقًا من مبدأ المواطنة.

8-4- الدعوة إلى التوبة وإصلاح الذات والشهادة الناصعة على مستوى الأفراد والمؤسَّسات كطريقٍ إلى إقناع الغير بصدق القِيَم الإنجيليَّة.

 9- استمع الآباء كذلك إلى تقريرٍ عن إكليريكيَّة القدّيسة حنّة الكبرى، قدَّمه رئيسها الأرشمندريت نعيم الغربي. فناقشوه وأبدوا ملاحظاتهم حوله وأصدروا توصية باستحداث مادة "الإدارة الرعويَّة" لتدريسها في المعاهد اللاهوتيَّة من ضمن مادّة الرعويَّات.

10- انتخب الآباء لائحة ثلاثيَّة لأبرشيَّة الأرجنتين من ثلاثة مرشحين للأبرشية على أن يُعيِّن قداسة البابا اسمًا واحدًا منهم.

11- انتخب الآباء أيضا رئيس المحكمة الإستئنافيَّة البطريركيَّة  المطران إيلي حداد، والمطران جورج حداد مشرفا على العدالة والمطرانين جوزف عبسي وجورج بقعوني قاضيين معاونيين في المحكمة السينودسيَّة، والمطران ميخائيل الأبرص محاميا عن العدل والمطران إيلي حداد محاميا عن الوثاق في المحكمة السينودسية عينها.

 12- أخيرا إنَّ الآباء يؤكدون على الرجاء الوطيد بأنَّ الغيمة السوداء سوف تزول وسوف تظهر أرض جديدة وسماء جديدة، وسوف يمسح الله كلّ دمعة عن عيوننا لأنَّ يسوع وعدنا وعدًا صادقًا أمينًا لا يسقط، بأن يكون معنا إلى دهر الدهور.