صاحب الغبطة يوسف

كلمة غبطة البطريرك على أثر التفجيرَين الأثيمَين بدمشق

١٠ ٥ ٢٠١٢





بروتوكول 261/2012د                         
 

           دمشق في 10/5/2012

كلمة غبطة البطريرك غريغوريوس الثالث لحَّام
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والاسكندريَّة والقدس
للرُّوم الملكيين الكاثوليك
على أثر التفجيرَين الأثيمَين بدمشق

 

 كنَّا في ساعة الصَّلاة الصَّباحيَّة حينما دوَّى في العاصمة دمشق تفجيرٌ أوَّل تلاه ثانٍ في أقلَّ من دقيقة، كسر واجهة معبدنا الخاصّ الصَّغير، كما كسر لوحًا زجاجيًّا كبيرًا على مدخل كاتدرائيَّتنا سيِّدة النِّياح. اهتزَّت الدَّار البطريركيَّة، وتسبَّب ذلك ببعض الأضرار!.
 وعلى الإثر شاهدنا الصُّور المروِّعة وأشلاء الضَّحايا مشوَّهةً محترقةً متفحِّمة... وهو أبشع منظرٍ وقع نظرنا عليه في سورية، إنَّه يُقشعر الجسم. وتفجَّرت الدُّموع من عيوننا. وارتفعت أيادينا ضارعةً مصلِّية متشفِّعة مستغيثة بعدالة السَّماء لأجل أبناء وبنات هذه الأرض السُّوريَّة المقدَّسة!
 إنَّنا باسمنا وباسم مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكيَّة في سورية نستنكر ونشجب هذه الأعمال الإجراميَّة الهمجيَّة البربريَّة الآثمة التي ذهبت ضحيَّتها هذه الأرواح الطَّاهرة، وحصدت العشرات من الضَّحايا، وجرحت المئات، وسبَّبت الآلام والمعاناة والمآسي لنا جميعًا... إنَّها طالت كلَّ سوريّ وكلَّ مواطن. لا بل روَّعت الملايين من المشاهدين على تلفزيونات العالم. وزرعت الحقد والكراهية والثأر والبغضاء والعداء.
 إنَّنا ننادي عاليًا ونرفع الصَّوت ليصل إلى آذان العالم ورؤساء الدُّول العربيَّة والأوروبيَّة والأميركيَّة ودول العالم بأسره... لنقول للمسؤولين فيها: ساعدوا سورية! سورية تستحقُّ محبَّتكم! سورية يمكن أن تحقِّق آمال شعوبها... ولكنَّنا نناشدكم: ساهموا مساهمةً حقيقيَّةً فعَّالة في إيقاف حلقة ودوَّامة العنف.
 أبناء سورية من كلِّ توجُّهاتهم وطوائفهم وأحزابهم قادرون على الحوار والتلاقي والتواصل لأجل إيجاد السُّبل والحلول لحلِّ هذه الأزمة سوريًّا ومحلِّيًّا.
 إنَّني كبطريرك ورجل سلام وبصفتي رئيس مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكيَّة في سورية، أُردِّدُ مع إخوتي الرُّؤساء الرُّوحيين: "نناشد المجتمع الدُّولي والعربي بدعم جهود مسيرة السَّلام في سورية وفي المنطقة".
 ومع قداسة البابا بندكتوس السَّادس عشر نقول: "لا تزال أرضنا تغرق بالدِّماء البريئة! أُناشدكم العودة إلى الأمان والهدوء والتعاون مع مختلف مكوِّنات المجتمع. في هذا الوقت أريد أن أكرز مرَّةً أخرى بقوَّة: العنف طريقٌ لا يؤدِّي إلاَّ إلى القتل والدَّمار والموت. بينما الاحترام والمصالحة والمصارحة والمسامحة والمحبَّة هي سبيل الوصول إلى السَّلام".
 وندعو السُّوريين قيادةً وشعبًا إلى التضامن والتعاون والصُّمود والسَّير معًا كما فعلنا يوم الانتخاب في السَّابع من هذا الشهر، لأجل مستقبلٍ أفضل لسورية المتجدِّدة. جواب السُّوريين على هذه الأعمال الإجراميَّة اللا إنسانيَّة هو المزيد من الإيمان والرَّجاء والمحبَّة والتضامن والصُّمود والصَّبر والصَّلاة. ومع صلواتنا نقول: "إنَّ الله معنا! يا ربَّ القوَّات كنْ معنا، فليس لنا في الضِّيقات معينٌ سواك! يا ربَّ القوَّات ارحمنا!".
 ونعود ونقول للعالم: حلُّوا الصِّراع الإسرائيلي العربي الفلسطيني تحلُّون مشاكلكم في العالم، ومشاكل العالم العربيّ، وتنشرون السَّلام والأمان والازدهار في العالم أجمع.
 اعملوا للسَّلام! كونوا يا زعماء العالم العربيّ، وزعماء العالم الأوروبيّ والأميركيّ، كونوا صانعي سلام! فيُعطيكم السَّيِّد المسيح طوبى السَّلام! ويُعطيكم السَّلام! فسلامكم من سلامنا! وسلامنا هو سلامكم!.
 ونطلب الرَّحمة لأرواح إخوتنا وأخواتنا ضحايا هذَين التفجيرَين، ونصلِّي لأجل الجرحى والمرضى والذين في المستشفيات، والعائلات المكلومة والمتألِّمة...
 ونرفع الصَّلاة حارَّة:
 "يا ربَّ السَّلام! يا إله السَّلام! امنح بلدنا سورية السَّلام!".